اتصل بنا
 

ابو حسين أوباما وصراحته

أديب ومحلل سياسي استراتيجي

نيسان ـ نشر في 2015-04-12

نيسان ـ

أثار الاتفاق النووي المرتقب بين الولايات المتحدة وإيران كثر من اللغط وهاجمته كثير من الدول العربية الخليجية منها بشكل خاص على اعتبار أن ذلك يفتح المنطقة لمزيد من الهيمنة الإيرانية ، بالإضافة أيضا الى إثارة سباق التسلح النووي في المنطقة خصوصا من تلك الأطراف التي تشعر بالتهديد المباشر من إيران.

لم تفلح كافة التطمينات الأمريكية بتهدئة دول الخليج واستعداد الولايات المتحدة بالدفاع عن تلك الدول في حال تعرضها للتهديد من قبل إيران، وحاولت الولايات المتحدة ان تفصل بين الموضوع النووي وبين رعاية إيران للإرهاب وأنها ستتعاطى بشكل منفصل مع الموضوعين حيث صرح وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري أن الولايات المتحدة لديها القدرة والوسائل لتتعاطى مع أكثر من قضية في نفس الوقت.

وفي السياق ذاته جاء حديث الرئيس الأمريكي مع توماس فريدمان الصحفي في جريدة النيويورك تايمز اذ قال صراحة أن الولايات المتحدة ستدعم وتدافع عن الدول العربية (الخليجية) في حال وقوع عدوان خارجي عليها ولكنه في نفس الوقت قال هناك تهديدات داخلية تفوق خطر التهديد الإيراني، وهي تتمثل باحتكار السلطة وتهميش الأقليات ووجود ايدولوجيا هدامة ومنظمة في إشارة للإرهاب الإسلامي وجيش الساخطين العاطلين عن العمل.

لا شك أن هذه التصريحات جاءت في توقيت مهم قبيل اجتماع أوباما مع زعماء الخليج، وهو الأمر الذي اعتبره بعض المحللين توقيت خاطئ، فهل هو كذلك فعلا؟

ولكن وكما يبدو أن اوباما أراد أن يستبق الاجتماع بإيصال رسالة مهمة لزعماء الخليج انه لا بد من إجراء إصلاحات سياسية حقيقية تتعاطى مع التهديدات المذكورة سابقا، لان الولايات المتحدة ترى أن تدخلها في النزاعات الداخلية سيزيد من مشاعر الكراهية والغضب لدى الشارع العربي تجاه الولايات المتحدة.

إن صراحة اوباما في هذه الوقت بالذات تعطي مؤشرا للدول العربية ان الولايات المتحدة تحمل المنطقة العربية عموما والخليجية بشكل خاص ما يحدث في هذه المنطقة الحيوية وانه دون اجراءات اصلاحية حقيقية فان الامور ستزداد سوءا، وهو الامر الذي واجهته وسائل الاعلام الخليجية بردود فعل قوية منتقدة الولايات المتحدة وان هذا الانقلاب في سياسة الولايات المتحدة لن يخدم مصالحها في المنطقة العربية وسيحد من نفوذها وبدأت تشير الى ورقة البديل الروسي والصيني.

إن صراحة الولايات المتحدة في الوقت الحالي وبعد الاتفاق النووي المرتقب مع إيران تراها بعض الأوساط العربية بأنها عودة الولايات المتحدة للحلف القديم مع إيران وتغيير في صيغ التحالف التي سادت المنطقة لعقود، خصوصا أن النظام الإيراني أكثر استقرارا رغم الصبغة الدينية لهذا النظام.

أياً يكن من أمر، فان ذلك وحسب العديد من الأوساط السياسية يخدم مصالح الولايات المتحدة في ترسيخ "البعبع" الإيراني وتهديده للدول الخليجية وانتشاره في المنطقة العربية، وبالتالي بقاء الدول العربية عموما والخليجية على وجه الخصوص في دائرة الولايات المتحدة لحمايتها من التهديد الإيراني، خصوصا أن ذلك يترافق مع عدم وجود مشروع عربي سياسي يتعاطى مع التهديدات التي تواجه المنطقة وكذلك انشغال النظام السياسي العربي بإطفاء الحرائق التي تحيط به الناجمة عن " الربيع العربي" أو على صعيد مواجهة تهديدات التنظيمات المتطرفة.

وهكذا تدرك الولايات المتحدة جيدا أن النظام العربي الرسمي بتركيبته الحالية هو أحوج لها في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى، وهو الأمر الذي سيمنع من القيام بإجراءات سياسية لمواجهة سياسة الولايات المتحدة بعناوينها الجديدة.

نيسان ـ نشر في 2015-04-12

الكلمات الأكثر بحثاً