اتصل بنا
 

قتلنا القمح لنزرع الياسمين في عقول الأرابدة

نيسان ـ نشر في 2020-01-08 الساعة 21:55

نيسان ـ لا أستطيع وصف الجامعة الأردنية بموضوعية، أعجز عن وصف شوارعها وحكايات عشاقها وأساتيذها؛ كواحد من الذين تخرجوا في جامعة اليرموك التي لا أبدّل نافورتها بهارفرد وأكسفورد ولا بجامعات الدنيا كلها، فاليرموك ليست فقط جامعة بل بيادر الزمن الجميل التي حُرثت لنتعلم وصارت ذاكرة شارع شفيق ارشيدات وحواف أيدون كتلاً أسمنتيّةً مزعجَة، فمن أجلها قتلنا القمح لنزرع الياسمين في عقول الأرابدة.
بين اليرموك والأردنية، خصومة قديمة في شرف التصّدر والريّادة، رغم أنها لم تخرج أصحاب معالي وعطوفة وفضيلة وقداسة كما فعلت الأردنية باعتبارها أقدم وقريبة من المطبخ السياسي، كما أن اليرموك تقع في قرية كبيرة اسمها "اربد" فالجميلات محسوبات بدقة وفيها الأرابدة وأهل الجبل والبادية وجيران سوريا وفلسطين. للجغرافية حظوة عشق تترسم على وجوه الحوارنة والبدو والحضر والقرويين والمُدن في أحياء اريد القديمة.
تكمن هويّة اليرموك في شارعين اثنين الأول على أمتداد كلية الآداب والصحافة(سابقاً) هذا الشارع الذي يغازل بنات عمان بمعيّة شبان إربد وهنَّ يتغندرن بين المحاضرات، ويبتسمون للمغادرات صوب باصات حجازي لتوْديع خصلات الشعر الأشقر والسراويل المثيرة. وثمة شارع مدهش رغم أنه ابتلي بالشيخوخة وهجره القوم إلى الكليات الجديدة، وهو شارع "النوّر" الذي يستقبل الوالج من البوابة الغربية معانقاً كلية الاقتصاد وعمّادة شؤون الطلبة، ثم يصدُّمك "الجمنازيوم" وهو يفتح ذراعيه وملؤه شجر السرو والرمثاويات الرابضات على صخرة كبيرة في ذلك المكان.
قليلاً من المشي، وستكون أمام كليّة التربية حيث حِسان بنات البدو وخشخشة الشيح على الوجوه السمراء وشبان بنو حسن المتأنقين بمهابة القرى والبلاد ومعهم رهط من البدو المكللين ببداوة الماء وسوادي الآباء في التحيات، وإذا مضيت قليلاً صوب كلية الرياضة فستسمع صيحات أبناء المزار الشمالي وبني عبيد والكورة وآبل الزيت وبقيّة الرياضيين. ما إن تنعطف يميناً حتى تعود للواجهة الشرقية من كلية الآدب وحضن كلية الفنون الجميلة -جداً- لترى المزمار والجيتار وتجليات العشق الذي تذوقته هناك قرب الشريط الحديدي الفاصل بين فضوليي شارع الدفاع المدني والحرم الجامعي والمراجعين الحيارى لبوابة المخابرات.
في البعيد كلية الآثار والقرية الإنجليزية التي استضافت جميلات الأردن من كل مكان، عندما كان الحب قمحياً، وبوسعك أن ترى كلية الشريعة
ولا تنسى كلية الاقتصاد، تلك التي انتقلت إلى آخر الدنيا وخصصوا لها بعض الباصات كما حدثوني.
اليرموك ابتسامة شباب الفرقة اثنعش على البوابة الشمالية كل خميس، حيث الباحثين عن عروس "بدها تخلص انجليزي او رياضيات"، وحيث يعلو ضحكي مع مصعب القسايمة ومحمد لهلال وخالد الصلاح لعكور وعلاء الأمير وإحمد المصلح ومحمود المليجي ومحمد العزام.
سُوْرِيْ مدام أردنية!

نيسان ـ نشر في 2020-01-08 الساعة 21:55


رأي: علي عبيدات كاتب

الكلمات الأكثر بحثاً